مرضى الإيدز في ليبيا.. عزلة اجتماعية
تحدثـ/ـي مع أحد المقربين منك في ليبيا عن معرفتك أو صداقتك بمصاب بـفيروس نقص المناعة وراقب ردة فعله/ا، التي ستغلب عليها غالبًا الدهشة والاستغراب، متبوعة بتحذير جاد من التعامل مع مصابي الإيدز. هذا الانطباع تكوّن نِتاج غياب التوعية اللازمة للمساهمة في إدماج مرضى الإيدز في المجتمع، وضعف حملات التثقيف بكيفية التعامل مع الأشخاص المصابين، وأن التعايش ممكن مع هذا المرض، دون إغفال جانب التوعية بطرق الوقاية من الإصابة ومخاطر عدم الالتزام بها.
تقول الدكتورة عائشة محمد لـدروج: “التمييز ضد مرضى الإيدز موجود حتى بين الأطباء فما بالك بين الناس العادية!. قبل سنوات كنت ضمن فريق لعلاج حالة مصابة برصاصة والتحاليل بينت انها مصابة بالإيدز، نتفكر وقتها الطاقم الطبي والطبي المساعد اللي استقبلوها كانوا أول ناس خافت من التعامل مع الحالة. فيه فرق بين الحذر والخوف. والطاقم الطبي هما الخط الأول اللي يتعامل مع مرضى الإيدز ولازم يكونوا أوعى من هكي. ومشكلتنا ما عندنا تأمين صحي أصلا وحتى علاوة الخطر أغلبنا ما نخذوا فيها”.
أُعلِن مؤخرا عن ارتفاع العدد التراكمي لمصابي الإيدز المسجلين لدى المستشفيات الليبية خلال عام 2022، إلى 7138 حالة بعد تسجيل 471 حالة إصابة جديدة، كما تم تسجيل 32 حالة وفاة في ذات العام، بحسب ما ورد في التقرير السنوي لإدارة مكافحة الأيدز والأمراض المنقولة جنسيا بالمركز الوطني لمكافحة الأمراض.
الزيادة في عدد الإصابات يقابلها تردٍ في خدمات الرعاية الصحية المُقدّمة للمصابين، ونقص الأدوية المثبطة للمرض الذي يعتبر السبب الأول في تدهور الوضع الصحي للعديد من المرضى، وهو ما أكدته منظمة الصحة العالمية في أحد تقاريرها المنشورة منذ أشهر، حيث أشارت فيه إلى أن “تدهور النظام الصحي في ليبيا ترتب عليه نقص شديد في الإمدادات الطبية والأدوية المضادة لفيروس الإيدز في كل أنحاء البلاد، مما أدى إلى وفاة كثير من المصابين بالفيروس”.
بينما لا تتوفر التوعية الضرورية لإدماجهم في المجتمع وتبديد نظرة التمييز ضدهم، وتنقص الأدوية اللازمة لاستقرار حالتهم الصحية، تأبى الجهات المسؤولة في ليبيا الاعتراف بحجم المشكلة وتحمل مسؤولياتها تجاه مرضى الإيدز، ما دفع منظمة الصحة العالمية لتسليط الضوء على ضرورة النظر في تحذيرات المنظمات المحلية وأخذها بعين الاعتبار، حيث قالت المنظمة في تقريرها: “على الرغم من تطمينات وزارة الصحة الليبية المتعددة بأن نسب الإصابة بهذا المرض ما زالت ضئيلة في البلاد، فإن منظمات دولية وجهات مستقلة تحذر من أن أعداد المصابين الحقيقية قد تكون أكبر من المعلنة بكثير”.
إرسال التعليق