السنوسي حبيب.. “إنسان القرن الواحد والعشرين”
اثنتا عشرة عامًا قضاها الشاعر والأديب الليبي الراحل السنوسي حبيب في سجون الفاتح “الأبدي”، جراء نشاطه الطلابي خلال أحداث أبريل 1976، مناهضًا لعسكرة المدارس والجامعات الليبية، ولم يتوقف عن كتابة الشعر في زنزانته حتى خروجه من السجن عام 1988.
وتميز شعر السنوسي بكونيّته ومقاربته لمسيرة الإنسان عامة في رحلة الحياة، وتجاوزه للقضية والمشاعر المحلية.
وبينما يعيش الإنسان الليبي أوضاعًا حياتية صعبة، منذ أكثر من عقد، وربما عقود، من عدم الشعور بالأمان وانخفاض المستوى المعيشي والاصطفاف في أكداس وطوابير حلزونية أمام المصارف ومستشفيات الجيران.. ذاته الذي انتفض على قبضة الدكتاتورية وكسر قيود الخوف المتراكمة في وجدانه. فأين هو “إنسان القرن الواحد والعشرين” الذي تصوره السنوسي؟
نراه اليوم منكسرًا وخاضعًا لجميع السلطات غير الشرعية، والتي تحكمه و تفرض عليه سردية حياة تُمتهن فيها الذات الإنسانية وتُداس كرامتها عند كل إشراقة شمس، بينما تتلاعب سلطات الفساد الإجرامية بمستقبله وتنهب ثروات أرضه دون أدنى خجل.
ذات الإنسان الذي تخيّله السنوسي حبيب في سبعينات القرن الماضي؛ جسورًا وثائرًا بوجه الظلم، في قصيدته “صلوات لإنسان القرن القادم”:
”وجميع المدن المنهوبة في عالمنا
ستهب غدا أو بعد غدٍ
لتقاضي الناهب والجلاد
وتولّد من رحم الأحزان ورحم الليل
إنسان القرن الواحد والعشرين
إنسانًا تشرق من عينيه ومن شفتيه الشمس
إنسانًا يعرف ما سيناء وما الجولان
لا يرهب وهج الشمس ولا خوذات النازيين
إنسانا يعرف ما الثورات وكيف يكون الثوريون
يا حزن العالم هبني لحظة صحوٍ
تمحو زيف اللحظات”
نوفمبر 1973
إرسال التعليق