عيد الأضحى في ليبيا: اللمّة هي العنوان
إعداد / أحمد المنصور – دروج.
لا يختلف اثنان على أنّ الأعياد في ليبيا من أكثر المناسبات الاجتماعيّة بهجة ورونقا، وخاصة عيد الأضحى الذي تتقاطع فيه العادات الاجتماعية والطقوس الدينيّة والنشاط البدنيّ في تفاصيل دقيقة تختلف من منطقة إلى أخرى، وأحيانا من بيت إلى آخر.
في هذا التقرير استضفنا بعض الشباب والشابات، من داخل ليبيا وخارجها، وحاورناهم عن الأضحى ومعانيه في نفوسهم، واستعداداتهم، وأبرز عاداتهم.
العيد في اللمّة
ترى ابتهال (21 عاما، الزاوية) أنّ المعنى الحقيقي للعيد في اللمّة، فتقول: “أحسن حاجة في العيد هي اللمة، يجو خوتي وخواتي كلهم بصغارهم، ونلتقي في حوش العيلة، وكل حد تلقائيا يلقى روحه يدير في حاجة”
ويؤكّد على ذلك علي (28 عاما، مقيم في تركيا لغرض الدراسة) قائلا: “مع إن في جالية ليبية كبيرة في تركيا وأصحاب هلبا، ونذبحوا مع بعض، إلّا إنّ كل عيد في حاجة ناقصة، في مشاعر مش قادر نوضحها لك، لكن لمّا تخش على بوك وأمّك الصبح، تحب على أيديهم وراسهم تفهم كل شي”
أمّا مصطفى (39 عاما، بنغازي) فيرى أنّ سرّ العيد في روحه: “الروح التي تبدأ مع رحلة اختيار الأضحية، وصيام يوم عرفة وصوت التكبيرات، وصلاة العيد انتهاء بالذبح والشواء والزيارات”.
ويتذكّر مصطفى، أنّه في صباه، كانت تُستقبل الأضاحي في بيت جدّه بالزغاريد، الأمر الذي لم يعد يراه الآن.
عادات ليبيّة، العصبان سيّدها
جغرافيا ليبيا وتنوّع ثقافاتها واختلاف أعراق سكّانها، تمثّل كنزا ثمينا من العادات والتقاليد والطقوس التي تظهر جليّة في المناسبات الاجتماعيّة.
“في عيد الأضحى يكاد يكون لكلّ عائلة سبرها” تقول إيمان (43 عاما، درنة) ذلك؛ وهي تحدّثنا بحماس كبير عن “سبرها في بيتها”:
“نصوم جميعا يوم عرفة، مع إفطار جماعي في بيت الجد والد زوجي، وسط جميع أفراد العائلة. أمّا العيد فنقضيه لوحدنا، الشوايا والقلايا أوّل يوم، ثمّ العشاء في بيت الجدّ، أمّا العصبان له يوم محدّد، وهو ثاني يوم” مؤكّدة أنّ أيّام العيد مجهدة ومتعبة خصوصا ما أسمته “كابوس الدوّارة” و”عرس التنظيف” ولكن بهجة العيد ولمّة العائلة تنسيها كلّ تعب.
“العصبان الشمسي” هذه كانت إجابة إبراهيم (23 عاما، سبها) عن سؤال: ما الأكلة المميّزة عندكم؟ ويصفه قائلا: “عنده أكثر من اسم، من بينها (اللواوي) وهو عبارة عن كرشة مجفّفة وتقطّع بحجم صغير، وبعدين يحشوها رية وقلب ولحم مقدّد، متبلة بطريقة معيّنة” مضيفا: “إنّ هذه الأكلة استغربها وأعجب بها بعض أصدقائه عندما أكلوها عنده، وهو ما دعاه لأن يختارها في إجابته.
أمّا نيروز (33 عاما، طرابلس) فترى أنّ “القرقوش” أكلة مميّزة عندهم، وترى أنّها أشهى من القدّيد. القرقوش كما تصفه نيروز: لحم يشبه القدّيد لكنّ جاف، ويابس، وأقل دسامة، وله تتبيلة خاصّة، وهو أيضا يستعمل في إعداد وجبات كثيرة ومتنوّعة.
العيد وسط الأزمات
ليس خافيا على أحد الأزمات التي تعصف بالبلاد، لعلّ أبرزها “انقطاع الكهرباء”. يقول أيمن (31 عاما، طرابلس): “تعوّدنا على الأزمات، لكن المشكلة أنّ الكهرباء مهمّة في عيد الأضحى، لتخزين اللحم“.
على عكسه تماما، لا يرى جمال (45 عاما، طرابلس) أنّ المشكلة الكبرى في الكهرباء، بل في ثمن الأضاحي الذي تجاوز ضعف مرتبه، وسط ضغط اجتماعي مفروض عليه من أولاده، يقول جمال:
“العام أهوا ثمن الأضاحي مرتفع هلبا. قريب ضعف المرتب، مع ارتفاع أسعار السلع الأخرى الضرورية. يعني حتى لو ضغطت على روحي وشريت الأضحية، باقي المصاريف لباقي الشهر كيف نتصرّف؟ ونا عارف إنّ الأضحية سنة مؤكدة ومش فرض، لكن المشكلة مع الأولاد، يراجو في الأضحية!”
خاتمة
رغم كلّ شيء، تبقى للأعياد بهجتها وفرحتها التي تفرض نفسها. وتجد العائلات الليبيّة فيها متنفّسا من مشاغل الحياة ومهربا من مشاقّها. والذكريات الجميلة التي تولّدها هذه المناسبات هي الإرث الحقيقيّ للناس، وهي التي ستبقى طويلا جدا، بعد التهام الأكباد والمشاوي. وكلّ عام وأنتم بخير.
تعليق واحد