سحر وشعوذة تحت قبة البرلمان الليبي
بعد نجاحه في إنجاز مهامه تجاه الأمة على أكمل وجه، يتفرغ مجلس النواب لمناقشة قانون يجرم “السحر والشعوذة”، ضمن جلساته التي يعقدها هذه الفترة، بالتزامن مع مشاوراته حول مخرجات لجنة 6+6 بشأن القوانين الانتخابية.
تزامن مشاورات القانون الذي يجرم السحر والشعوذة مع مشاورات القوانين الانتخابية، يذكّرنا بعادة صناع القرار -القديمة المتجددة- في اللجوء للتشويش على فترات ذروة الفشل والتقصير بتصدير قضايا توجّه عامة الناس للبحث عن مبررات غيبية لسوء حالها وواقعها.
بماذا يُعرِّف القانون، السحر والشعوذة؟ وما عقوبتهما؟
–السحر: هو كل عمل مخالف للشريعة يقصد به التأثير في البدن أو القلب أو العقل، باستخدام رقى أو تمائم أو عقد أو طلاسم أو أدخنة، ويعاقب الساحر بالقتل إذا ثبت أن سحره تضمن كفرا، أو ترتب على سحره قتل نفس معصومة.
–الشعوذة: هي استعمال الحيلة، أو خفة اليد في أفعال عجيبة يظنها من يراها حقيقة وهي ليست كذلك، لمحاولة استغلال الناس أو التأثير على عقائدهم. ويعاقب المشعوذ بالسجن مدة لا تقل عن ثلاث سنوات، ولا تزيد على خمس سنوات وبغرامة لا تقل عن عشرة آلاف دينار، ولا تزيد على خمسة عشر ألف دينار.
بهذه التعريفات الفضفاضة والتي تشبه كثيرا تلك الواردة في قانون مكافحة الجرائم الإلكترونية، والعقوبات التي تصل حدّ القتل، واجهت خطوة مجلس النواب (المستمر لـ9 سنوات دون سحر وشعوذة) تساؤلات عديدة، أبرزها افتقاد هذه الظواهر المبنية على الخرافة لأي دليل إدانة مادي، ما يعني أن القانون سيُبنى -غالبا- على تكهنات ستفتح باباً كبيراً للبلاغات الكيدية وتصفية الحسابات، وتلفيق التهم.
ويقودنا كل ذلك إلى مواجهة مؤجلة لحسم الأمر بخصوص هذه الخرافات التي صنعت من إنسان تاريخي، فاشل وغير منتج، عالمًا! ومنحته مكانة اجتماعية وتشريعية لم يمنحها له الله نفسه.
هذه التساؤلات وغيرها تدخل أيضًا في خانة القلق على مصير الحريات -الهشّة أساساً- في ليبيا، واستخدام السلطة لسن قوانين تغذي حالة الهوس الديني الشعبوي، الذي يرقص فوق كل جثة مظلومة وجسد معذب في كل حادثة، وتعزز انسلاخنا عن عصرنا. وهي نسخة من قوانين ظهرت فترة القرون الوسطى في أوروبا، وتم بموجبها سحل وقتل الآلاف، ومحاكمة العلماء والمبدعين والكتاب والأدباء والمخترعين.
إرسال التعليق