ليبيا.. التواطؤ المجتمعي مع قتلة النساء
“راجل ربي يفرج عليه”، “ربي يفك أسرك يا ذكر”، “يستحق فرصة لبناء حياته”، “تريس هذا الصح”
ونحن نقرأ هذه التعليقات، نعتقد للوهلة الأولى أنها تعبر عن تعاطف أشخاص عاديين مع أحد المظلومين أو المحتجزين قسراً، بينما في الواقع هي تعليقات أغلبية مجتمعية ساحقة (من فئة الشباب) على خبر إلقاء القبض على مجرم أقدم على قتل شقيقته، “بعد أن شاهدها تستقل سيارة رفقة أحد معارفها”.
الكم المفزع من الدعم والتشجيع الذي تلقّاه المجرم من أقرانه ونظرائه، يوضح مدى سطوة استباحة أرواح النساء على الوعي المجتمعي، وسط غياب صارخ لدور السلطات والقانون في حمايتهن. والأنكى من ذلك عندما نجد أن التحريض ضد النساء والجرائم المُرتكبة ضدهن، تأتي من أفراد العائلة من الدرجة الأولى.
كما أن الصياغة المتخاذلة والشريكة في الجرم التي تستخدمها الجهات الأمنية عند نشر هكذا أخبار تستحق وقفة خاصة؛ (قبضنا على شاب قتل أخته لأنه رآها رفقة شاب آخر)، دون التأكيد على أن القانون لن يتهاون مع جرائم كهذه، وستقابل بأشد العقوبات وأغلظها. بل يتم نشر الخبر وكأنه ملحق بتبرير للقاتل، ويترك المجال لمجرمين محتملين بأن يعبروا عن دعمهم للقتل والقاتل بكل أريحية على صفحة جهة أمنية.
الاستساغة المباشرة التي غلبت على مضمون التعليقات الواردة على هذه الجرائم، تعود بحسب آراء حقوقييين إلى تهاون القانون مع مرتكبيها، وغياب التشريعات الرادعة لمنع ارتكاب هذا النوع من الجرائم، وبالتالي تعميق النظرة الدونية للمرأة، وتعزيز مفهوم “أحقية ذكور العائلة والمجتمع” في إنهاء حياة النساء متى ما شاؤوا، دون تفكير في العواقب سواء المجتمعية أو القانونية، لأنهم لن يجدوا إلا التهليل والاحتفاء من قبل المجتمع، والتخاذل وغض البصرعن جريمتهم من قبل القانون.
ورغم وجهة النظر الحقوقية، المشكلة الحقيقية قد تبدو أكثر وضوحًا عند تفحص تفاصيل ديناميكية العلاقات البشرية في مجتمعنا، سطحيًا وفي عمقها.
إرسال التعليق