×

الراديو من منظور اجتماعي

Int Radio Day Drooj3

الراديو من منظور اجتماعي

للراديو مكانة مميّزة عند معظم شرائح المجتمع، ولا سيّما كبار السنّ والنساء، الذين يجدون في متابعة برنامج الصباح والنشرات المحلية والبرامج الدينية، رونقا خاصّا.

تزداد هذه المكانة في شهر رمضان المبارك، فيغدو الراديو شيئا أساسيا في المطبخ، يسلي النساء الواقفات على أقدامهن لإعداد الإفطار، ويأخذن منه وصفات جديدة، ويشتركن في برامج المسابقات ليربحن بعض الجوائز المتمثلة عادة في الأجهزة الكهربائية والمواعين.

Int Radio Day Drooj7

“صباح الخير يا بلادي

صباح الطير الشادي

صباح سهولك الخضرا

صباح الخير مصراته”

تقول فاطمة (28 سنة) إنها كانت لسنوات طُوال تستيقظ على كلمات هذه الأغنية المنبعثة من راديو جدتها، راديو الجدة المقعدة يتخذ مكانه من وقت طويل على سريرها، فتنام على صوت الشيخ الدوكالي العالم، وتصحو على هذه الأغنية.

بعد وفاة جدة فاطمة، افتقدت فاطمة الراديو كما افتقدت أعزّ أشيائها، ظلت لأيام طوال بعد العزاء تترك الراديو مفتوحا كما لو كانت جدّتها حية وتستمع، قالت إنها فعلت ذلك لأنها تسمع طنين الراديو في أذنيها إن لم تشغله، لكن هذه الخطة لم تدم طويلا، انتهت بمجرد أن بيع بيت الجدة ورجعت فاطمة لبيت أهلها.

باستطاعة الراديو أن يستحوذ على حواسك كلها، رغم أنّه يشغل السمع فقط، هذا الاستحواذ يتمثّل في تحفيز المستمع على استخدام المخيلة. هذه المخيلة المتّقدة، تجعل العلاقة بين المستمع والراديو علاقة حميمية، وليست مجرد علاقة إرسال واستقبال وحسب. لذا، لم يكن غريبا أن أشارت إحدى الإحصائيّات -عالميّا- أنّ المتلقّي (المستمع) عبر الراديو أكثر تفاعلا مع المُرسل (البرامج)، أكثر من أي وسيلة أخرى (التلفزيون مثلا).

Int Radio Day Drooj6

تقول السيدة حليمة (60 عاما) إن الراديو المنصوب على دولاب المطبخ مهم كالماء وقدور الطبخ، تصحو باكرا، وقبل أن تبدأ في جولة إيقاظ أبنائها تُشغل الراديو، تستمع للقرآن الكريم المستمر من ليلة البارحة، ثم تستمع لبرنامج الصباح، وحين يأتي موعد الأخبار المحلية تنصت باهتمام، حتى إذا ما رجع زوجها وأولادها أخبرتهم عن كل شيء، بما في ذلك موتى المدينة.

عادة، لا تقيم السيدات الكبيرات في السن وزنا لبرامج التواصل الاجتماعي، ويعتبرن الراديو وسيلتهن الأولى، يعرفن من خلالها أخبار البلد ويستمعن إلى المشايخ وينقلن وصفات الطبخ الجديدة لمطابخهن، على عكس جيل الشباب، الذي يعيش في هاتفه وبرامج التواصل الاجتماعي أكثر مما يعيش في الواقع.

وعلى الرغم من ذلك، إلا أن للراديو أهمية – وإن كانت قليلة – لدى الشباب. يقول السيد عبدالله (30 سنة) إنه يستمع للراديو من خلال صفحات القنوات الإذاعية، وما يضعونه من روابط للبث المباشر على الفيس بوك، فلا زالت لبعض البرامج الثقافية والأدبية وما يبثونه الأفضلية عنده.

Driving Radio Drooj

أما السيد محمد (34 سنة) فيقول إن الراديو عنده مرتبط بالطريق الطويل، عمل محمد يفرض عليه التنقل أكثر من مرة في الأسبوع بين مصراته وطرابلس، ويعتبر الراديو رفيقه أثناء رحلاته هذه.

وتقول السيدة خديجة (29 سنة) إنها لم تكن تكترث لأمر الراديو قط، إلا أن صديقتها عملت مذيعة في إحدى القنوات واستمعت لحلقتها الأولى مجاملة ودعما لها، ومن تلك الحلقة حتى الآن بات الراديو ضرورة لديها.

من الواضح أنّ الراديو ما زال حاضرا في حياة الليبيّين، وإن تعدّدت أسباب الاستماع إليه، ولعلّ من دواعي ذلك، الحاجة إلى التواصل الإنساني المباشر. وتبقى الإذاعة ذات أهمية وأثيرها ذا صوت يسمع حتى وإن قلت، وستبقى نافذة يطل من خلالها الكثيرون على العالم خارج بيوتهم حتى وإن فتحت نوافذ أخرى.

إرسال التعليق