هل ثمة مفر من الإساءة على الإنترنت؟
نتابع من خلال التعليقات والردود عبر منصتنا وحسابات مواقع التواصل الاجتماعي الليبية، كمًّا مفزعًا من التهجم والتنمر والإساءة، والتي نمضي ساعات عدة في حذفها بشكل دوري، خصوصًا عندما يتعلق الأمر بشخص يبدي أو تبدي وجهة نظر مختلفة، أو لا تتماشى مع وجهات النظر الموجودة والمألوفة. كذلك كلما أقدم ليبي/ة على مزاولة نشاط أو هواية لا يستأنسها الشارع الليبي، أو حتى طريقة الحديث أو التعبير، والحركة واللباس، والضحك، والأكل.. والتنفس. ويتحول شكل هذه الإساءة إلى سُعار حقيقي، يستباح فيه الإنسان كله دون تردد، كلما كانت الشخصية المستهدفة فتاة أو امرأة ليبية تمتلك وجهًا وشعرًا.
تضاعفت تحديات مواجهة ظاهرة التنمر والتوعية بمخاطرها، مع توسع استخدامنا اليومي للإنترنت ومنصات التواصل الاجتماعي، التي زادت من احتمالية التعرض للتنمر بمختلف أشكاله وقيّدت قدرتنا على منع وقوعه. وسبق أن حذرت اليونيسف من مخاطر التنمر والتحرش الإلكتروني على أكثر من %70 ممن تتراوح أعمارهم بين 15 و24 سنة من مستخدمي الإنترنت عالميا، وهي نسبة توضح حجم الجهود المطلوبة للتصدي لهذه الظاهرة في الفضاء الإلكتروني. ورغم أن عواقبه قد تصل -بحسب تقارير حقوقية رسمية- إلى انتحار الضحية، ما زلنا نعيش في مجتمع يتواطأ مع العديد من أشكال التنمر، ويبرر أحياناً للمتنمرين فعلتهم بحجج ملتفة، لمجرد الشعور بنشوة انتصار افتراضية ضئيلة، أو إضحاك جوقة الآخرين.. علّها تمنح حبًا.
وللتنمر الإلكتروني أشكال عدة، حسب أخصائيين من اليونيسف، وخبراء دوليين في مجال التنمّر عبر الإنترنت وحماية الطفل، منها:
– نشر الأكاذيب أو نشر صور محرجة لشخص ما على وسائل التواصل الاجتماعي.
– إرسال رسائل أو صور أو مقاطع فيديو مؤذية أو مسيئة أو تهديدات عبر منصات التراسل.
– انتحال شخصية أحد ما وتوجيه رسائل دنيئة للآخرين باسمه أو من خلال حسابات وهمية.
التعرض للتنمر يترك آثاراً سلبية -قد تكون طويلة المدى- على جسد وعقلية وعاطفة الضحية. فكل من يتعرض للتنمر مُعرّض للشعور بالغضب والحرج، وفقدان الثقة بالنفس وفقدان الاهتمام بأشياء يحبها، وكذلك الشعور بالتعب (الأرق)، أو المعاناة من أعراض كالمغص والصداع، وتنامي الأفكار السلبية داخله، واللجوء إلى سلوكيات عنيفة للتعامل مع الألم النفسي والبدني.
وبين الحين والآخر، تقوم إدارات منصات التواصل الاجتماعي الكُبرى بتطوير سياساتها في التعامل مع حالات التنمر، في إطار اهتمامها المتزايد بهذه القضية العالمية، وسعياً منها لتوفير مساحات تواصل صحية قدر الإمكان، ومن أبرز هذه التحسينات سرعة التعامل مع منتحلي الشخصية وإزالة وحظر أصحاب التعليقات المسيئة.
إرسال التعليق