المرأة الليبية.. إيماءة اليوم العالمي للمرأة
تشهد المرأة الليبية على إيماءة اليوم العالمي للمرأة وهي تعيش في كنف منظومة متكاملة القمع من عُرف وتقاليد اجتماعية ودينية، وتشريعات وقوانين تتعامل معها كـ”مواطنة” درجة ثانية فاقد للأهلية، تابعة منزوعة الإرادة الحرة وكل فرص الأفق والخيال. إضافة إلى حالة شعبية مهووسة بها، تستلذ بقهرها وإجبارها على السكوت والتنازل عن حقها تحت حجة “العيب” خوفاً من الوصم الاجتماعي.
وسيمر على نظرها ومسمعها اليوم عشرات المنشورات والمعايدات والتذكير الغريب والمكرر بأنها الأم والأخت والزوجة ومعلمة الرسم! لكنها بمجرد أن تدير ظهرها صوب الواقع ستجد غالباً “اللي واكل ورثها، المتحرش اللي قاتل نظيرتها بحادث، الميليشياوي اللي ضارب ليبية في الشارع، القانون اللي سالبها حقها في إبرام عقد الزواج والطلاق ومنح الجنسية لأولادها”، وحقها في الهواء الطلق والجري والضحك، وأصوات ملجمة لكثير من الفتيات الليبيات القاصرات اللي تم تزويجهن باستغلال ثغرة الإذن القضائي، والنساء اللواتي مُنِعن من السفر بسبب عدم وجود مرافق ذكر، والانتهاكات التي تمر وكأن شيئا لم يحدث مع بعض الاستنكار الخجول من باب التعود وانعدام الحيلة.
كما تعيش المرأة الليبية المؤمنة بحريتها وحقها في الحياة عزلة من نوع خاص، ليس محليًا فقط، بل حتى على مستوى نظيراتها من الجارات في الخريطة، إذ تنفرد منظومة الهيمنة الليبية بالقمع المحكم، بالرغم من كونها محاطة بجيران مسلمين ورضعوا اجتماعيا من نفس الضرع، ممن قرّر الليبيون -في لحظة تاريخية- أنهم ليسوا بمسلمين كفاية وأنهم شربوا حليبًا فاسدًا، إمعانًا في التفرد والتميز المعتاد الذي قادنا ذاته لإطلاق نظرية عالمية ثالثة ومعجزة ثامنة، بدل التوقف عن اللف والدوران بخصوص أزماتنا كلها.
ورغم كل ذلك، تبقى قصص الكفاح الفردي لليبيات شاهدة على تطلع متجدد للحياة والحق، سواءً في كنف العائلة الليبية وحول “قصعتها”، أو اللاتي حققن نجاحات ملموسة بكفاح دؤوب وحالم في مجالات متعددة كالرياضة التي شهدت بروز شابات واعدات، والسيدات والشابات الليبيات ممن اقتحمن مجال ريادة الأعمال وفرضن حضورهن في الفضاء العام، وكل امرأة ليبية حملت حق جميع الليبيات في صدرها رغم العنف والتهجير والبذاءة.
إرسال التعليق